هيهات هيهات
البداية هناك حديث عن النبى محمد صلى الله عليه وسلم قال فيه " إذا فتح الله عليكم مصر
فاتخذوا فيها جندا كثيرا ، فذلك الجند خير أجناد الأرض" ،بالطبع انا هنا لن أتناول مايتناوله الفقهاء من صحة أو عدم صحة الحديث فهذا المجال له علماء الأزهر اما ماسأتناوله حقاً أنه وان كان الحديث صحيحاً فان أحداً منذ أيام عمرو بن العاص عندما فتح مصر وحتى تولى محمد على باشا حكم مصر لم يقم بتنفيذ وصية الرسول الكريم فلم يتخذ أحدا جنداُ من مصر بداية من عمرو بن العاص ذاته الذى اسلم على يد النبى صلى الله عليه وسلم مروراً بالدولة الأموية والعباسية والأيوبية والمماليك ,....... لم يقم فى مصر جيش وجندا منظما بل حتى المعارك المجيدة التى تنسب لنا فى النصر مثل عين جالوت وحطين لم يخضها جيش من المصريين فهم إما من الشام فى حطين أو من المماليك فى عين جالوت وأكتفى كل هؤلاء بالمصريين فى مؤخرة الجيش يتولون المهام الإدارية دون القتالية .
أن أول من إتخذ من مصر جنداً كثيفاً كان محمد على باشا عقب خروج الحملة الفرنسية من مصر وقد بنى محمد على جيشا مصريا خالصا على يد (سليمان باشا الفرنساوىى اللجندى الفرنساوى الذى عشق تراب مصر) عبر به حدود مصر الى اسيا واوربا وافريقيا وأثبت الجنود المصريون وقتئذ أنهم بالفعل من خير أجناد الأرض.
والسؤال الذى يطرح نفسه هو بالفعل لماذا لم يقم خلفاء الدول الإسلامية على امتداد عصورهم بالاعتماد على جيش من مصر حتى موسى بن النصير فاتح شمال افريقيا ومعه طارق بن زياد فاتح الأندلس لم نسمع انهم استعانوا بجنود من مصر اثناء هذا الفتح الكبير ؟
وعلى صعيد أخر وبالعودة للتاريخ الفرعونى نجد أن فتوحات مصر الفرعونية اعتمدت على أبناء جيش الفراعنه عاشوا على أرض مصر وبنوا وأسسوا حضارات يتحاكى عنها العالم حتى اليوم بل وحتى نهاية العالم سيظل الناس فى مشارق الأرض ومغاربها يتحدثون عن الفراعنه الذين عاشوا على أرض مصر .
بعض التحليلات تقول نعم أن جنود مصر من خير اجناد الأرض ولهذا حرص جميع خلفاء الدول الإسلامية على تجنب اعداد جيشا مصريا خشية من إنقلاب هذا الجيش عن الدولة الأم سواء فى بغداد أو دمشق حتى حينما أتى عمر بن عبد العزيز ثامن الخلفاء الأمويين وخامس الخلفاء الراشدين أميراً للمؤمنين لم يقم بتكوين جيش مصرى وبالتالى فمن وجهة نظر هؤلاء الخلفاء جميعا أن أمن وأستتاب الامور فى مصر يحتم ان لايصبح منها جنود حتى لاينقلبوا على الدولة ذاتها .
والشئ بالشئ يذكر فانه حينما سمح الخليفة العثمانى بتكوين جيشا من المصريين على يد الوالى محمد على باشا إنقلب بالفعل الوالى على الخليفة وخاض محمد علي في بداية فترة حكمه حربًا داخلية ضد المماليك والإنجليز إلى أن خضعت له مصر بالكليّة، ثم خاض حروبًا بالوكالة عن الدولة العلية في جزيرة العرب ضد الوهابيين وضد الثوار اليونانيين الثائرين على الحكم العثماني في المورة، كما وسع دولته جنوبًا بضمه للسودان. وبعد ذلك تحول لمهاجمة الدولة العثمانية حيث حارب جيوشها في الشام والأناضول، وكاد يسقط الدولة العثمانية، لولا تعارض ذلك مع مصالح الدول الغربية التي أوقفت محمد علي وأرغمته على التنازل عن معظم الأراضي التي ضمها.
إذا هل بالفعل ماحدث من محمد على يثبت صحة وبعد نظر الخلفاء فى الدول الإسلامية بداية من الأموية والعباسية وماتلاهم ؟ وإذا كان والأمر كذلك فهل بالفعل هذا الرأى تبنته الدول الغربية عقب شرود محمد على فى طموحاته وبات من أهداف القوى الغربية دائما هو تحطيم الجيش المصرى أو على الأقل الحد من قوته ؟
فاذا وقفنا عند حقبة محمد على كنقطة إنطلاق ورائها التاريخ وأمامها المستقبل سنجد أن هذا الرأى قد اصبح استراتيجية واضحة للغرب فبعد وفاة محمد على باشا وقفت طموحات الجيش وكانت أقصى مايفعله هو الفتوحات فى اعالى النيل لاستكشاف منابع النيل ثم تحول بعد هزيمة عرابى الى جيش المحمل وظل هكذا جيشا للتشريفات حتى ثورة يوليو 1952 .
ولأن الجيش هو من قام بالثورة فقد دأبت الدول الغربية على التضييق عليه تارة بعدم تسليحه وتارة بمهاجمته فى 1956 وتارة أخرى بالتلويح له بدخول معارك وحروب لاجدوى منها مثل حرب اليمن ونهاية بتدميرة فى حرب 1967 .
ومع ذلك ومع الهزيمة النكراء فى 1967 ورغم الصراع الدولى على الهيمنة فى منطقة الشرق الأوسط بين الولايات المتحدة والإتحاد السوفيتى ان ذاك ورغم الإتفاق على حالة الاسترخاء العسكرى ورغم تسليح اسرائيل المستمر باحدث الاسلحة ورغم الساتر الترابى وخط بارليف ورغم العديد والعديد من المعوقات إنتفض هذا الجيش مرة اخرى وحارب وانتصر وعبر المستحيل فى أكتوبر 1973 وهو الامر الذى اذهل العالم اجمع واربك القوى الغربية والتى عادت مرة اخرى لسياسة الحيطة والحذر امام هذا الجيش والذى اربك العالم بموقفة من ثورة يناير 2011 والمربك اصلا أنه رغم وقوف الجيش وقادته فى صف الثوار الا انه ايضا خطواته لم تلب طموحهم نحو التغيير الشامل الناجز السريع والحاسم وبات موقفه محيرا داخليا وخارجيا .
ولكن بصفة عامة أنا أرى وهذه رؤيتى الشخصية أن التغيير قادم قادم لامحالة لعدد من العوامل أهمها فى رأىى انه لو لم يكن فى النية ان بكون هناك تغيير لكان الموقف مختلفا هذا بالاضافة الى عوامل الإجماع الشعبى على التغيير وايضا عامل السن لقادة الجيش ورغبة الجيش فى التفرغ لمهمته فى الدفاع عن الحدود ولاسيما عقب الأحداث الأخيرة فى سيناء صحيح أن التغيير بطئ نوعا ما ولكنه قادم .
وقد حاول البعض استغلال أخطاء المجلس العسكرى للنيل من القوات المسلحة المصرية كافة وكأن الأمر بات ممهدا امام قوى الظلام لهدم هذا الجيش الذى ان انتفض لايقف امامه المستحيل وتم استغلال الموقف السياسى للنيل من الجيش تاره باختلاق صدامات معه وتارة أخرى بمحاولة استفزازه من بعض الموتورين من امثال نوراه نجم واسماء محفوظ وغيرهم وللاسف ونظرا لضعف أو فلنقل انعدام الخبرة السياسية للكثيرين انساقوا وراء هذه الأراء بمنطق سيكولوجية القطيع والسؤال الذى اريد ان اسأله فى النهاية هل تستطيع كل قوى الظلام مجتمعه ان تنال من الجيش المصرى ؟!!!! هيهات هيهات
لكن يظل فى النهاية الحكم على الأحداث التى مر بها الجيش المصرى والذى ساهم فى صنعها محليا واقليميا ودوليا يؤكد حديث النبى محمد صلى الله عليه وسلم ان جنودمصر من خير اجناد الارض دون اللجوء الى الكتب الفقهية وإنما بتحليل مواقف هذا الجيش نجد انه اذا قام الجيش المصرى بالاستعداد الجيد والظروف المؤهلة له نفسيا وبدنيا وتسليحا وتدريبا فلن يقف أمام هذا الجيش جيش .