ترردت كثيراً فى أن أكتب عن مايحدث حالياً من تداعيات نتيجة الثورة التى انطلقت فى 25 يناير الماضى تلك الثورة التى بدأت بيضاء بمطالب محددة وانتهت او اصبحت ثورة بلا هدف أو مضمون وانطلقت الأراء بين مؤيد لما يحدث مبرراً ذلك بأن مطالب الثورة لم تتحقق وبين معارض لما يجرى على الساحة مبرراً رأيه بأن ذلك ليس فى مصلحة الوطن .
ولكن دعونا نقول ونطرح تساؤلات هامة ، ماهى مصلحة الوطن ؟ ومن له الحق بالتحدث عن هذه المصلحة ؟ وكيف تتحقق مصلحة الوطن ؟ ومن هى الجهة المسئولة عن تحقيق تلك المصلحة ؟
ونعود بتساؤلات أخرى أكثر تحديداً عن مايطلق عليه اجندات ومصالح وتحالفات ومسيرات واعتصامات واضرابات لمصلحة من يظل الوطن بلا استقرار؟
أعود فأقول ان من حقى الديمقراطى ان اعبر عن رأى وان يقوم المعارضون لهذا الراى باحترامه ومناقشته أن أرادوا بأسلوب حضارى ويقارعوننى الحجة بالحجة وليس الحجة بالسباب والتخوين الذى صار سمة هذا الوقت
ولهذا فقد قسمت هذه المقالة الى عدة أقسام نبدأ بالقسم الأول وهو استعراض دون رأى لما جرى اعتبارا من يناير 2011.
ثورة بيضاء فى وطن أسود
فى يوم 24 يناير وماقبل هذا التاريخ كانت مصر تعيش عصراً أسود من الفساد والفقر والديون والجهل والبطالة والكثير من السلبيات والتى كان على رأسها سياسة توريث الحكم الى جمال مبارك وحاشيته لاستكمال منظومة السواد الحالك ، تلك الأمور التى كانت تنذر بانفجار لايعلم مداه الا الله سبحانه وتعالى وكان الأمل فى رأىى الشخصى هو قيام القوات المسلحة المصرية باحباط هذا المخطط لما تملكه من قوة وأدواتها لوأد هذا المخطط ولم يكن يجول فى خاطرى ان ينطلق التطهير من الشعب الذى كنت اراه مستسلماً لمقدراته دون مقاومه وكان الراى السياسى ان مايحول دون قيام الجيش بهذا الإجراء هو رد الفعل الدولى ضد حكم العسكر وسياسة الإنقلابات العسكرية .
وفجأه قامت القيامة الدنيويه وانطلق الشباب ومن ورائهم الشعب العظيم ينادى بتحطيم ألهه الفساد والمحسوبية وترزية القوانين مطالبا بالعيش والحريه والكرامة الإنسانية والديمقراطية المدنيه وحقوق الإنسان فى الحياة الكريمة ولاسيما وأن مصر تملك مقومات الثراء والتقدم وبدا لى ان انقشاع السواد بات قريبا ولم يبق الا مساندة الجيش للشعب انطلاقا من ان حركة الشعب رفعت الحرج عن قيادات الجيش وبات الإنقلاب على الحكم انقلابا مدنيا يحميه قوات الجيش .
وبعيداً عن تفاصيل ماحدث انتصرت الإرادة الشعبية وتنحى أو عُزل مبارك ورجاله عن الحكم بل وتم حبسهم تمهيداً للمحاكمة عما اقترفته يداهم ضد مصلحة الوطن ومن هنا بدأ التغيير ، ولكن كيف صار هذا التغيير ولاى منحى اتجه ؟ لقد انطلقت العديد من القوى السياسية والإجتماعية والدينية من عقالها واصبحت تجرى فى كل اتجاه تحاول ان تلتحم مع الثورة احيانا أو تثب على مكاسبها أحيانا اخرى وصار كل من كان محروما من الكلام يتكلم فى صورة حضارية أحيانا وهمجية احيانا كثيرة اخرى ولهم العذر فى ذلك فشمس الحرية التى اطلت فجأه اغشت العيون التى عاشت معظم حياتها فى الظلام فلم تعد ترى شيئا الكل يسابق الكل وانطلقت المطالب الفئوية بلا حدود واعتبر قاطنوا التحرير انهم بمثابة ممثلى الشعب ولهم بعض الحق فى ذلك فهم من ضحوا بأرواحهم فى سبيل هذا النجاح الذى اعتقدوا انه تحقق .
ويبقى السؤال الذى نجيب عنه فى المقالة الثانية ، ماهو دور القوات المسلحة فى ذلك وكيف بدأ هذا الدور واين سينتهى وكيف سينتهى ؟