السحابة السوداء والخصخصة

الصديقة نور فى معرض تعليقها على رحلتى الى فنلندا اثارت فيما اثارته من تعليق على اهتمام هذه الدولة بنظافة البيئة المقارنة معنا فى مجال البيئة ولاسيما وأن موعد السحابة السوداء السنوى قد اقترب وبناء على طلب الصديقة العزيزة نور سأشرح لها لماذا قلت لها ان السحابة السوداء هى احد وسائل الحرب ضدنا .
وأول سؤال يمكن ان يثار فى هذا المجال هو ماهى علاقة السحابة السوداء بالخصخصة ؟وأنا هنا سأنقل لكم ياأصدقاء ماعشته فعلا وماعرفته من موضوع السحابة السوداء وسأترك لكم التعليق فى النهاية عن من المخطئ فى موضوع السحابة السوداء
أول الأمر يجب ان نعلم جميعا ان السحابة السوداء انما تتكون ليس فقط من حريق قش الأرز وانما تتجمع من العديد من المصادر منها ماتنفثه المصانع من دخان ولاسيما مصانع الطوب الطفلى ومصانع الأسمنت بالإضافة طبعا الى مايخرج من السيارات من أدخنه بالإضافة الى الأتربة العالقة من الصحراء المحيطه ولكن لماذا هى تتجمع فى هذا الوقت من العام تحديدا ؟
ان التغيرات المناخية العالمية والتى لم يكن لنا كدولة أو حتى كمجموعه دول نامية يد فيها وانما هى تكونت نتيجة مئات السنين من الغازات والأبخرة والكيماويات التى تتصاعد من مصانع الدول المتقدمة والتى كانت السبب الرئسى فى تغير طبيعة المناخ فى العالم كله وكلنا نذكر مقولة علم الجغرافيا الذى كنا ندرسه فى مدارسنا ان جو مصر حار جاف صيفا دفئ ممطر شتاء وهو بالطبع ماتغير من ضمن ماتغير من مناخ عالمى وبعدما كان شهر سبتمبر فى مصر هو اجمل شهور السنه اصبح اصعبها نتيجة سكون الرياح التى كانت زمان تأتى وتلطف الجو وياللقدر فقد كان من نصيب مصر ان تسكن الرياح فى هذا الشهر تحديدا وهو شهر حصاد الأرز الذى كان يزرع زمان ونفس الحرق يتم ولانشعر به لوجود الرياح التى تذر الغبار
ولكن السؤال يظل لم يرد له اجابة ماهى علاقة السحابة بالخصخصة ؟
فى الماضى البعيد كان هناك مايسمى بالدورة الزراعية فكانت وزراة الزراعه تقسم المساحات الزراعية بالتناوب هنا يزرع قمح وهنا الأرز وهنا القطن وهكذا ويتم الترتيب سنويا لمجموع كل نوع من المحاصيل وكان يتم الالتزام من جانب المزارعين بهذه التقسيمات وويل لمن يخالف وبالتالى كانت زراعة الأرز تاتى دوما فى محافظة كفر الشيخ والمناطق المحيطة بها لأسباب عديدة منها ان زراعة الأرز تحتاج لمياه غزيره غامرة تساعد على غسيل التربة الزراعيه من الاملاح التى تأتى من مياه البحر فى المناطق القريبة من مصب النيل فى البحر ومنها محافظة كفر الشيخ والبحيرة وهى محافظات بعيدة نسبيا عن القاهرة وبالتالى فعندما كان يتم حرق قش الأرز ومع وجود الرياح التى تذر الغبار فلم نكن نشعر بهذه السحابة ولكن ؟
أتت الخصخصة ومن بين شروطها الغاء الدورة الزراعية وبالتالى فالمزارع يزرع مايشاء وقتما يشاء دون الزام ولأن الأرز ارخص المحاصيل الزراعية تكلفة فهو لايحتاج الا الى شتلات ومياه غزيرة وأسعار تصديرة عاليه وباتالى ربحه كبير اتجه كل المزارعين الى زراعة الأرز فى هذا الوقت من العام وبعدما كان المخصص للأرز مليون طن ارز ينتج عنهم مليونى طن قش يستخدم مليون منهم فى التدوير واستخدامات اخرى ويحرق مليون فقط اصيح هناك اكثر من سته ملايين طن ارز تزرع ينتج عنها نحو ثمانية ملايين طن قش يستخدم منها فى التدوير مليونين ويحرق سته ملايين ( شوفوا الفرق الهائل ) وبالتالى اختفت تقريبا محاصيل القطن والقمح ذات التكلفة والمجهود وزاد الأرز ( استسهال من المزارع ) دون ان يكون لدى المزارعين الدراية الكافية بمخاطر الحرق وتعددت محاولات اصلاح هذا الخلل ومن بين محولات الإصلاح ان تقوم الزراعة بتحديد مساحات زراعه الأرز واماكنها ومن يخالف يتم بيع المياه له بالمال وهنا تدخلت الأيدى الخفية الخارجية ودخلت دول تقول لدول حوض النيل الحقوا مصر بتبيع المياه وبالتالى طالبت تلك الدول التى لم توقع على اتفاقية مياه النيل بنصيبها فى المال وبدأت الخلافات مع دول حوض النيل ذلك ان الأرز يستهلك نحو 15 الى 18 مليار متر مكعب مياه من جملة 55 مليار نصيب مصر من المياه فى كل الإستخدامات وبالتالى صارت المشكلة الى دولية مع الجيران ولكم طبعا ان تتخيلوا من المحرض لدول حوض النيل
محاولات تدوير قش الارز لن تنجح لكبر الحجم وقلة الامكانيات واسف فى اللفظ جهل المزارعين واستخفافهم بخطورة التلوث وعدم قدرتنا على عودة الدورة الزراعية لانها تخالف ماتم الإتفاق عليه من خصخصة مع الدول التى تنازلت عن ديون مصر لديها فى سبيل تطبيق الخصخصة
طبعا ليس هذا كل شئ فهناك اسباب عديده منها الفنية ومنها الربانيه كنوع من العقاب على مانفعله بانفسنا ولكنى احببت وبصورة مبسطة ان اشرح للأصدقاء لماذا تحول شهر سبتمبر الجميل شهر المحبين الى شهر التلوث بفعل الخصخصة