لاشك ان مايجرى من احداث فى التحرير امس السبت واليوم الاحد بتاريخ 20/11/2011 لهو بحق احداثا فارقة فى تاريخ مصر الحديثة بل واكاد اجزم انه ايضا سيؤثر على نظام الحياه فى مصر مستقبلا سواء فى الاجل القصير او الطويل وفى ذات الوقت سيؤثر بالطبع على كافة الأصعدة الإقتصادية منها والسياسية .
واليكم الان تحليل القوى فى المجتمع المصر ، مبدئيا تمر مصر حاليا بمرحلة يطلق عليها فى علم السياسة مرحلة البونبارتيه اى تساوى قوة الشعب مع قوة الحاكم وبالتالى فتوازنات القوى هذه تجعل من الصعب ان يقوم طرف بفرض رأيه على الطرف الاخر وبالتالى الامر يحتاج الى محاورات وحوارات وتنازلات من الطرفين .
ثانيا القوى الموجودة بالشارع تتوزع كالاأتى :
1- قوى يغلب عليها الطابع الدينى الاسلامى اومااطلق عليه الاسلام السياسى – ومع تحفظى على هذا المسمى لان الإسلام هو دين شامل لكل العناصر دينية ودنيويه سياسية واقتصادية واجتماعية ولكن مايبرز الأن هو السياسة وهى قوى انطلقت من عقالها عقب مايقرب من ثمانين عاما من الاضطهاد والعنف والعنف المضاد مع النظام السابـــــــــــــق ( والمقصود بالنظام السابق هو نظام ثورة يوليو بكافة مراحلة من محمد نجيب وحتى مبارك ) وبالتالى يريدون ان يحصلوا على فرصتهم فى ادراة نظام البلاد وفق مايؤمنون به ومايرونه سواء بنظام الخلافة او الإمامة او حتى النظام التركى الحالى الذى بالقطع يمكن ان يتغير فى اية انتخابات قادمة وهذه القوى نتيجة قدم ممارستها للسياسة والشد والجذب اكتسبت خبرات عديدة واصبحوا بحق سياسيين قبل ان يكونوا اسلاميين والسياسية هى فن الممكن لتحقيق الاهداف وبالتالى ستجد منهم من تنازل عن اللحية وارتدى الازياء الحديثه ليس ايمانا بهذا الزى ولكن لانه قد يكون وسيلة لاقناع المصريين انهم قوة وسطيه لن تفرض عليهم شيئا بالقوة والله وحده هو من يعلم بالنوايا كما انهم يملكون اكثر من الخبرات وهى قوة الحشد المنظم الذى تخشى منه باقى القوى وبالتالى تلعب هذه القوى على امكانيات حشدهم للاصوات فى الانتخابات القادمة وبالتالى الحصول على اغلبيه تمكنهم من تشكيل وتحديد شكل البلاد فى المرحلة المقبلة ووضع دستور يهدف الى تحقيق اغراضهم ويضفى الشرعية على اسلوب ادراتهم للبلاد والمشكلة هنا ليست فى الدستور فى حد ذاته لانه سيتم الاستفتاء عليه من الشعب وبما يتيح كتابة دستور متوازن وانما المشكلة فى القوانين المنظمة للحياة فى البلاد والتى يتم اقرارها من البرلمان دون تدخل الشعب فى استفتاء وبالتالى دستور متوازن نعم ولكن قوانين مقيدة للحرية وتلغى عمليا هذا التوازن .
2- قوى يغلب عليها الطابع الليبرالى ولكن بمعنى الحرية فى المفهوم الشرقى والذى يرتبط بعادات الشرق وتقاليده وليس بقوة الدين ولكن بقوة الالتزام الاخلاقى وقد يتطرف منهم البعض فى التعبير عن الحرية وتعريفها ولكن فى النهاية تبقى هذه القوة مبعثرة بين اشتراكيين وليبراليين وناصريين وتختلف بالطبع توجهاتهم وايدلوجياتهم السياسية الامر الذى يؤدى الى ضعف قوتهم وضعف قوة حشدهم مقابل القوى الدينية ويراهم هؤلاء فى الانتخابات القادمة على نزول الاغلبية الصامته للتصويت وهو رهان جد ضعيف وقد يكون الرهان الجديد على اصوات المصريين بالخارج ان تمكنوا من الإدلاء باصواتهم ولكن تبقى المعضلة السابق الاشارة اليها وهى الاغلبية التى ستقر قوانين ادارة شئون البلاد وليس الدستور .
3- قوى العسكر وهم الجهة المضادة للقوتين السابقتين او هم من يمثلون السلطة الان وهم بما يحدث حاليا اكتسبوا عداء القوتين اى يمكن ان نقول ان تحالف الاسلاموليبرالى انما هو تراجع تكتيكى لتحقيق مصلحة مشتركة وهى ازاحة العسكر من السلطة وليس تغيير استراتيجى فى مواقف وتوجهات القوتين وقوة العسكر هى من تملك ادوات التاثير المباشر لقمع التظاهرات من اسلحة ومعدات وتدريب وكذلك التأثير غير المباشر من خلال الاعلام او التأثير الموازى وهو من خلال استمرار الفوضى سيؤدى الى تأليب الاغلبية الصامته ضد الثوار فى الميادين وبما قد يسمح بقيام الشعب بضرب بعضه البعض كما حدث من قبل وبما يتيح لهم الفرصة فى فرض الاحكام العرفية واللجوء الى استخدام القوة وقد يؤدى ذلك الى تحويل المجلس العسكرى من مجلس رئاسى مؤقت الى مجلس انقلاب عسكرى وهنا سيكون الانقلاب ليس على راس الدولة ولكنه على شعب الدولة .
السؤال الذى يطرح نفسه الان ماهو الحل ؟
الحل يمكن فى رايى المتواضع فى ضرورة اللجوء الى تحديد واضح ودقيق للاهداف المطلوبة سواء للقوى الشعبية او القوة العسكرية واهداف كل طرف واضحة وليست خافيه على الاطراف الاخرى ولكنهم للاسف يدورون فى حلقة مفرغه دون ارادة الوصول الى حل حقيقى
فاهداف الاسلاميين واضحة للعيان انهم الان اكثر القوى قوة وتنظيما وبالتالى سرعة الحصول على اغلبية فى البرلمان وكما سبق ان اوضحنا استغلالا لضعف القوى الاخرى حتى الان
واهداف االلبراليين ايضا واضحة فهم يحلمون بديمقراطية غربية وتداول للسلطة بين القوى السياسية من خلال دستور واضح متضمنا مبادئ العدالة والمساواه والمواطنة .
ووجهة النظر هذه لايوافق عليها الاسلاميين او على الاقل لايوافقون على اغلب هذه البنود التى ينادى بها اللبراليون ويرون ان الاغلبية لايجب ان تقاس من خلال احزاب وانما من خلال العقيدة والاغلبية فى مصر عقيدتها مسلمة وبالتالى فان تطبيق الشريعة امر حتمى ويجب ان يرضخ له الاقليات الدينية الاخرى كما كان فى عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم مع يهود المدينة وكذلك فى عهد الفتوحات الاسلامية من سيطرة المسلمين على مقاليد الامور وتعيش الاقليات بحقوق المواطن العادى الاقتصادية والاجتماعية دون السياسية وهم فى حجتهم ان الغرب لايقبل ان يتولى رئاسة دولتهم احد مسلم وان هناك احزاب دينية فى الغرب واسرائيل فلماذا لايشكل عندنا احزاب دينيه وان تناسوا ان الغرب لايقسم المواطنين طبقا للعقيدة وانما طبقا لاصل الفرد ومن الصعب جدا ان تجد مسلما من اصل فرنسى انما هو مسلم هاجر من دولة اسلامية صحيح حصل على جنسية دولته ولكنه يظل فى عرف الدولة انه ليس مواطنا اصيلا .
اما اهداف القوة العسكرية فهى واضحة وهى ان تكون المؤسسة العسكرية بعيدة كل البعد فى مصيرها وقرارتها عن اللعبة السياسية وان تكون القوات المسلحة منظومة شبه مستقلة تتبع مجلسا مستقلا عن البرلمان وهو مجلس الامن الوطنى الذى يشكل السياسة الخارجية العامة التى تقوم القوات المسلحة بتنفيذها مع احتفاظ العسكريين بطريقة ادارة امورهم بنفسهم واختيار رئيس اركان الجيش من خلال المجلس العسكرى دون تدخل من رئيس الدولة بصفته القائد الاعلى للقوات المسلحة وهم بذلك يحافظون على استقلال الجيش عن السياسة لانه بفرض ان وصل الاسلاميين الى السلطة فسيفتح بابا نحو تحويل الجيش الى حرس ثورى كما فى ايران وبالتالى سيتم فرض قرارات حربية انطلاقا من مبادئ ايدولوجية وليس سياسية وبالتالى فتمسكها اليوم بالسطلة ليس بهدف السلطة ولكنه يريد ان يضمن تحقيق هذا الهدف اولا فى الدستور والقوانين اللحقة عليه .
السؤال الذى يطرح نفسه الان ماهو الحل ؟
الحل فى رايى ان يلعب الجميع لعبة السياسة وفقا لقواعدها التى هى فن الممكن اى تحقيق الحد الادنى من مطالب القوى الثلاث بمعنى اخر ان يتم وضع دستور يضمن حقوق الاقليات ويحافظ على تداول السلطة من جهة ومن ناحية اخرى ضمان استمرار الاسلاميين داخل المنظومة السياسية وعدم تحييدهم مرة اخرى او فرض حظر ممارسة السياسة عليهم وفى نفس الوقت تحقيق مطلب فصل الجيش عن اللعبة السياسية من خلال تحقيق نوعا من الاستقلال النسبى ولاسيما فى مايخص القوات المسلحة مباشرة مع ضرورة تحقيق رقابة شعبية من خلال البرلمان على الموضوعات التى لاتمس الامن القومى وتحقيق رقابة من مؤسسة الامن القومى والتى يمثل فيها رئيس البرلمان والمخابرات العامة والخارجية ومؤسسة الرئاسة وبما يضمن الحفاظ على سرية خطط الدفاع والخطط العسكرية على ان يكون راس المؤسسة العسكرية هو رئيس اركان حرب القوات المسلحة الذى يتم اختياره من المجلس الاعلى للقوات المسلحة لمده محددة ويتغير تلقائيا بانتهاء هذه المده ويتم تحديد عدد من السنوات لاعضاء المجلس بحيث يضمن التغيير فى الفكر والقيادات وعدم تشكيل مراكز للقوة فى المجلس العسكرى .
واعتقد والله اعلم قد اكون مخطئ او مصيب انه ان حدث ذلك ستخرج مصر الى بر الامان الذى لايتمناه الكثيرون ممن يهدفون الى هدم المعبد ويتمناه ايضا المواطنون الشرفاء المحبون لمصر
ليست هناك تعليقات:
إرسال تعليق