ا
صدقائى حينما طرحت عليكم هذا السؤال لم أكن فى نيتى مطلقا ان يكون سؤالا عاديا يتطرق الى الفقر والدين والسياسة والإقتصاد وانما كان فى نيتى ان اعرض وجهة نظر مختلفة نوعا ما قد تكون متطرفة او غريبه او طبيعية ربما !!! ولكنها جالت بخاطرى - ولنبدء إذا نظرنا حولنا وفى انفسنا سنجد ان حياتنا هى مجموعة من التضحيات لانفسنا ولغيرنا فى دائرة مفرغة لاتنتهى وقياسى على شريحه من المجتمع المصرى شريحه عادية طبقة متوسطه والتى تكاد تختفى اليوم ولكن انا اقصد بالمتوسطه هنا هى نحن ليس الفقراء المدقعين وهم بالطبع لايمكن القياس عليهم لانهم بالطبع غير سعداء او طبقة الاغنياء الفارهين وهم عبدة المال الذين هم ايضا غير سعداء ولكن مااقصده هو نحن الطبقة العادية .
ولنبدء بالطفل حينما يبلغ سن الدراسة سنجد هذا الطفل يعانى من مناهج دراسية تنوء بحملها الجبال وهو يذاكر ليس لنفسه ولكنه يذاكر لوالديه اى يضحى بطفولته البريئة ليرضى الأخرين وهم ابويه ويظل هكذا من مرحلة الطفولة للمراهقة ينوء تحت جبال من الكتب والملخصات حتى يدخل كلية الطب او الهندسه وقد لاتكون رغبته ولكنه يضحى لان ابوه عايزة دكتور او باش مهندس يباهى به اصحابه فى العمل .
ولكن فى الأغلب الاعم تأتى الرياح بما لاتشتهى السفن ويدخل الولد او البنت كليه ( من ام اربع سنين واقلب) على رأى العبقرى محمود المليجى فى فيلم ( على باب الوزير ) ، وهنا تبدأ المرحلة الثانية من التضحيات فيقف الشاب او الفتاه وينظر حوله يجد كل واحد من اصدقائة بيحب زميلته وكل واحده بتحب زميلها فلابد وحتما ان يفعل مثلهم حتى لايكون منبوذا فيبحث عن فتاه ليرسم عليها الحب وتبحث عن فتى حتى يقال عنها ان البنت بتتحب وهذا ايضا نوع من التضحية لإثبات الذات دون ان يدرك او تدرك معنى الحب وتبدء حياة المناوشات واثبات الرجولة او الأنوثه المسيطرة وهما يعلمان جيدا ان الحب حاجة والجواز حاجة تانيه .
وتنتهى رحلة الضحك على ذقن الاخر بالطبع بالإنفصال وتتزوج البنت او تعمل ويذهب الولد الى الجيش - وبعيدا عن ضريبه الدم - دعونا نذهب الى العمل فيذهب الرجل الى عمله الذى فى الغالب لايحبه حتى يثبت انه يعمل مش عاطل ويبدأ الأهل فى البحث عن عروس او عريس المهم ينتهى الأمر بالزواج كوجاهة اجتماعية دون مشاعر صادقة وبالتالى تبدأ المرحلة الاخيرة .
بعد الزواج تبدأ المسئولية المادية وتتحول الزوجة الى ام فقط لازوجه ويتحول الأب الى خزينة وتنتهى سريعا جدا الحياة الإنسانية لتبدء مرحلة مشاعر الـCalculator ولايربط الزوجه بزوجها الا حساب الإيرادات والمصروفات ولايربطه بها الا الأكل والغسيل والأثنين يضحيان علشان الاولاد .
حتى يصل الاولاد الى مرحلة التعليم لتبدء الدورة من جديد .
اصدقائى فاذا اضفنا بعد ذلك الأبعاد الأخرى السياسية منها والإقتصادية فسوف نجد ان المصرى هو مأساة تمشى على الارض والسؤال الأكثر عمقا هنا هل المصرى ذاته لايحب السعادة ؟؟؟؟ اعتقد ان التفسير الوحيد للمعادلة السابقة اننا غير صادقين مع انفسنا نضحك على الناس ونضحك على انفسنا نضحى لاشياء لاتستحق التضحية ونضحى بأشياء تستحق أن نحتفظ بها .
وعلى سبيل المثال فليركب احدكم الاتوبيس او الميكروباص ويستمع الى حوارات الاخرين ستجدون مئات الأبطال ومئات من قصص البطولة كل يحكيها عن نفسه منهم من رفض الرشوه ومنهم من قاوم مديرة الفاسد ومنهم ومنهم ولا احد منهم قال انه اخطئ فى شئ واحد مما يجعلك تتسائل فان كان كل هؤلاء ابطال ( امال فين الحرامية والمفسدين ) ان كنا كلنا شرفاء امال ليه مازلنا فى الفقر نعانى .
دوما نضحى لارضاء الاخر منذ طفولتنا وحتى مماتنا لم يقف احد منا ولو للحظة ليسأل أين السعادة .